top of page

كنا نسمّيه

«الصيداوي»

 

شهادة للحاج عبد الباسط السنيورة (1904-2002)، والد الرئيس فؤاد السنيورة، سُجلت معه عام 2000.

كنا نكنّي محمد جميل مروة بـ «الصيداوي» تحبّباً، على رغم كونه من أبناء جبل عامل، إذ بنى لنفسه في المدينة سمعة طيبة، لحذاقته وبراعته وحسن معشره. كما كان وسيماً جداً.

سكن محمد جميل بدايةً في صيدا القديمة، داخل السور، في حي رجال الأربعين. وكان تاجر جملة للمحاصيل. كانت تأتيه الحبوب من جبل عامل وحوران، والسكر والرز من مصر، كما كان يستورد الكاز موضباً في صناديق من روسيا.
فتح محله في صيدا خلال الحرب العالمية الاولى (1914-1918)، بعيد دخول الحلفاء إلى لبنان. كان المحل في شارع الشاكرية، في مبنى يملكه وقف مطرانية الكاثوليك الواقعة هناك. كان محلي ملاصقاً لمحله، وعلى مسافة قريبة منا محل آل عوده للصيرفة ومعمل الصابون الذي كان اسسه جدهم. أذكر كيف كانت تصل قوافل الجمال يومياً من حوران محملة بالمحاصيل، فتبرك في ساحة الشاكرية، وتفرّغ قسماً من حمولتها أمام محل محمد جميل مروة وتوزع الباقي على محلات مصباح ودلاعة وحسين الصافوية ورشيد الشماع، الذين كانوا أيضاً تجاراً كباراً للمحاصيل. في غضون ساعتين كان يعاد بيع المحصول بالكامل، خصوصاً إلى إقليم الخروب والجبل.
كان جبل لبنان يعيش تحت حصار عسكري قاس خلال الحرب الأولى، الأمر الذي أدى إلى وقوع مجاعة رهيبة فيه. فتحولت صيدا مقصداً لأهاليه لتأمين حاجاتهم الغذائية. كانت المحاصيل تُهرّب إليه تهريباً، وكانت النساء تتولى القيام بهذه المهمة، فيحملن الحبوب على رؤوسهن ويمشين بها على الشاطئ من القلعة البحرية إلى نهر الأولي، ومنه يعرجن صعوداً نحو الجبل.
منذ صغره، كان ابنه كامل نابغاً في الكتابة ويميل إلى الصحافة. وكان أخي ابرهيم السنيورة يحبه إلى درجة انه كان يعتبره بمثابة ولده، لأن الله لم يرزقه بأولاد. وعندما برع كامل بالصحافة لم نكن نفاخر به وحدنا، بل كانت كل صيدا تفاخر بأن جميل مروة خلّف ولداً عنده سمعة عالمية.■

bottom of page