top of page

سلمى:

هكذا تعرّفنا

تروي سلمى بيسار (1923-2000)،  قصة زواجها بكامل مروة، في تسجيل يعود الى 1999.

في ربيع 1948 حضرت دعوة غذاء لدى الفنانة التشكيلية سلوى روضة شقير في حي عين المريسة في رأس بيروت. وعندما جلسنا إلى مائدة الطعام، وجدت الى جانبي شاباً عرّف عن نفسه بأنه صحفي يصدر جريدة تدعى «الحياة»، وبأن إسمه كامل مروة. وما أن عرّفته عن نفسي، حتى التفت إليّ قائلاً أنه التقى أخوتي الثلاثة في برلين حيث كانوا يكملون تحصيلهم الجامعي.
أخذنا نتحدث بالألمانية، فأخبرني عن تجاربه في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وعن زياراته الحالية الى الجبهة في فلسطين، حيث كانت حرب 1948 مستعرة. لفتتني جدّيته وأعجبت بشخصيته. وقلت في قرارة نفسي أن هذا الشاب هو مناضل مثل المرحوم والدي عبد اللطيف بيسار.
إلتقينا مرات عدة خلال الأشهر التالية في مناسبات إجتماعية مختلفة، وتوطدت المعرفة بيننا. وما لبث أن عرض عليّ الزواج، متقدماً لطلب يدي من عائلتي. ولكنني ترددت في الموافقة، إذ كنت عزمت على السفر إلى باريس لإكمال دراساتي العليا في جامعة السوربون، وخفت أن يشكل قبولي الارتباط به عائقاً أمام سفري. فلم أعطه جواباً واضحاً وغادرت لبنان مع نهاية الصيف.
كان السفر من لبنان الى فرنسا يمر يومئذٍ عبر مطار دمشق. وكانت الطائرات المتنقلة بين بيروت ودمشق صغيرة الحجم، لا تحلق عالياً. جلست بجانب الشباك، وأخذت أحدق بجبال لبنان ووديانه بينما كانت الطائرة تصعد بنا في السماء. وبوصولنا فوق منطقة المديرج، لمحت من الأعلى سيارة أعرفها. لم يكن هناك على الطرقات سيارات كثيرة، لذلك كان سهلاً التعرّف اليها. إنها سيارة كامل! فخفق قلبي، وتساءلت إلى أين هو ذاهب.
وصلنا إلى مطار دمشق، وفيما كنا نهم بركوب الطائرة الكبيرة إلى باريس، رأيته من بعيد ينزل من سيارته، حاملاً باقة من زهور الزنبق. فتأكد حدسي أنه جاء لملاقاتي قبل أن أغادر البلاد. إقترب مني طالباً أن أحدثه. انتحينا جانباً. قال عندي أمانة اريد ان أسلمها إليك. مد يده الى جيب سترته، وأخرج علبة صغيرة وأعطاني إياها. قال لي: «هذا هو الخاتم!». لم يطلب مني جواباً فورياً. طلب مني أن أكتب له رسالة إذا كنت موافقة على الزواج. أما إذا كنت غير موافقة، فرجاني أن لا أكتب شيئاً، فقط أن أعيد الخاتم.
احتفظت بباقة الزنبق والخاتم، وبعد شهر لحق بي الى باريس وتزوجنا هناك. كان ذلك في خريف 1948.

bottom of page