top of page

 06 

تأسيس جريدة «الحياة»

Anchor 1

عاد الناشطون العرب من دول المحور الى أوطانهم نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، فاعتقلتهم قوات الانتداب فترة، ثم أطلقت سراحهم، بعدما أدركت أن دورهم  خلال الحرب كان هامشياً ومحدوداً. وعندما خرج كامل مروة من السجن في بيروت، عاود حركته السياسية والصحافية، وبدأ يخطط لتحقيق حلمه بإصدار جريدة.
كان في بيروت يومئذٍ 55 صحيفة يومية، ومع ذلك قرر إصدار الجريدة السادسة والخمسين. ولما فاتح جبران تويني الجد بما يجول في خاطره، شجعه الأخير على المضي في مسعاه، مفرداً له في مكاتب «النهار» مكاناً لإصدار جريدته. أما رأس المال، فوجده عبر قرض صغير حصل عليه من أحد المرابين، بكفالة تاجر صديق. ثم وجد الرخصة عند الصحافي ناصيف مجدلاني الذي وضع بتصرفه امتيازاً يملكه اسمه «الحياة الرياضية»، اختصره بكلمة «الحياة». وبقي موضوع فريق العمل، فتدبّره بالاتفاق مع ستة من زملائه وأنسبائه. وبذلك اكتملت العناصر اللازمة لإطلاق الجريدة، بثلاثة محررين وثلاثة إداريين، انطلاقاً من غرفة صغيرة في آخر سوق الطويلة في قلب بيروت.

نجح مروة في تأسيس"الحياة" بإمكانات متواضعة جداً، لكنه كان يخطط منذ البداية لأن يجذب دعماً أكبر من المغتربين اللبنانيين المقيمين في أفريقيا الغربية. لذلك قام بزيارة خاطفة الى السنغال قبيل انطلاقة جريدته للتواصل مع بعض معارفه هناك. ووجد لديهم استعداداً كبيراً لمساندة مشروعه، فاتفق معهم بأن ينظم زيارة ثانية في القريب العاجل من أجل جمع المساهمات.
صدر العدد الأول من «الحياة» مطلع عام 1946، فتلقفه القراء بشغف كبير، بسبب الملصقات الإعلانية التي كانت عُلّقت على جدران الوسط التجاري والتي أنبأت بقرب صدور«جريدة نظيفة، بأقلام نظيفة، في خدمة غايات نظيفة!».
كانت «الحياة» جريدة جديدة في كل شيء. كانت تُطبع وتُوزع باكراً عند الفجر في زمن كانت غالبية صحف بيروت تصدر عند الظهيرة. وكانت تغطيتها الإخبارية تركّز على الشؤون العربية والدولية، بينما منافساتها غارقة في السياسة اللبنانية المحليّه. كانت الأخبار والمقالات فيها موجزة، وتبويبها حديثاً، وتنتشر على صفحاتها البيانات والخرائط.
في أشهر قليلة فقط  تمكنت «الحياة» من الوصول الى مصاف الجرائد الرائدة في لبنان، مستقطبة القراء والإعلانات من كل حدب وصوب. ومع نكبة فلسطين عام 1948 توقّفت الصحف الفلسطينية في حيفا ويافا عن الصدور، فلجأ عرب المشرق الى «الحياة» كمصدر أول للأخبار، فذاع صيتها، وبات القراء ينتظرون وصولها كل يوم في القدس ودمشق وعمّان وبغداد. وبذلك تُوِّجت «الحياة» الجريدة الأولى في المشرق.■

bottom of page